مقالات وتحليلات  
في ظل الدستور الجديد ما الذي تغير ؟؟  - 2012/05/20
الكاتب: مراقب ، المصدر: حزب الأنصار   |  التعليقات   |    |    | 

في ظل الدستور الجديد ما الذي تغير ؟؟

يعتبر الدستور الجديد حجر الأساس التي ستبنى عليه سورية الجديدة، فهذا الدستور الذي أقر التعددية السياسية بعد عشرات السنين من مفهوم الحزب القائد للدولة والمجتمع، ومن نظام اقتصاد اشتراكي إلى نظام اقتصاد حر يهدف إلى  تحقيق العدالة الاجتماعية و التنمية الشاملة.
إذاً ما الذي تغير في سورية في ظل الدستور الجديد ؟؟
وما الذي بدأ يلمسه المواطن حتى يشعر بأن هناك شيئاً ما قد تغير في سورية، و أنه بدأ يعيش مرحلة جديدة !!.
وإذا كانت انتخابات مجلس الشعب تعتبر أولى اختبارات هذه المرحلة فإن المتتبع لمجريات هذه الانتخابات وبغض النظر عن نتائجها ومن نظرة عين مراقب فإن هذه الانتخابات لم تتغير عن سابقتها من الانتخابات، حتى وإن دخلتها أطراف جديدة فإنها- أي الانتخابات - لم تحدث التغيير المطلوب، لأنها بالأساس تم إدارتها بعقلية ومفهوم المادة الثامنة من الدستور السابق !!.
أما بالنسبة لظهور أحزاب جديدة من مختلف التيارات على الساحة السياسية السورية، وقدرتها على تغيير المشهد السياسي في سورية فإن قانون الأحزاب نفسه وتعديلاته رغم أهمية هذا القانون لم يتح حتى المساواة القانونية بين هذه الأحزاب، فالأحزاب الناشئة منحت فترة ستين يوماً لتضم إلى عضويتها ألف عضو من سبع محافظات، وبما لايقل عن خمسين عضواً من كل محافظة، لينال أي حزب منها الترخيص ليمارس عمله وفق أحكام هذا القانون.
 بينما اعتبر القانون نفسه أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية مرخصة حكماً ومنحها ستة أشهر ثم ثلاثة أشهر إضافية لتودع لجنة شؤون الأحزاب وثائقها المتعلقة بالترخيص !!.
وإذا كان الدستور الجديد قد نص في مادته الرابعة والخمسين على أنه:"تبقى التشريعات النافذة والصادرة قبل إقرار الدستور سارية المفعول إلى أن تعدل بما يتوافق مع أحكامه على أن يتم التعديل خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ميلادية".
فإن هناك وقت لا بأس به لنشعر بالتغيير من الناحية التشريعية وإن كان هذا الوقت من الناحية العملية له ما يبرره.
 و لكن هل أعضاء مجلس الشعب قادرون على إنجاز هذا التغيير خلال هذه الفترة  ؟؟، والتي مر منها حتى الآن ثلاثة أشهر باعتبار أن تركيبة مجلس الشعب لم يحدث فيها التغيير الذي يمكن أن نعول على أعضائه إجراء هذا التغيير؟؟!!، و نحن بحاجة ربما إلى أربع سنوات قادمة لتتغير هذه التركيبة.
بنفس الوقت أتاح الدستور في معرض مهام المحكمة الدستورية العليا الفرصة لتعطيل أي نص تشريعي يخالف أحكام الدستور وهذه الإتاحة تعتبر خطوة رائدة في مجال الإصلاح القانوني للتشريعات دونما انتظار تعديلها من قبل السلطة التشريعية، إلا أنها بنفس الوقت يقتصر أثرها على الخصوم في الدعوى المثارة أمام القضاء، والتي تم الدفع في أحد مراحلها بعدم دستورية أحد النصوص القانونية النافذة.
 ثم إن تعطيل نص قانوني في القضية المثارة لا يعتبر إلغاءً لهذا النص فالنص يبقى قائماً، وهنا نحن بحاجة لأن تصدر السلطة التشريعية نصاً جديداً يلغي الخلل الحاصل في هذا النص مع الدستور الحالي.
على كل حال فإن انتظار كل من السلطتين التشريعية والقضائية لتقودا عملية التغيير المطلوب وفق أحكام هذا الدستور، وحتى يتم الشعور الحقيقي بأننا نعيش مرحلة جديدة تختلف عن سابقتها فإن ذلك يتطلب وقتاً طويلاً، وإن كان مبرراً.
إذاً ما هي الإجراءات المطلوبة لنشعر بهذا التغييرعاجلا؟؟
وهل يمكن أن يساعد  اتخاذ بعض الإجراءات في التخفيف من حدة الأزمة وإقناع الشارع بأن شيئا ما قد تغير ؟؟
إننا نعيش اليوم في أزمة ثقة ولن تحل هذه الأزمة إلا من خلال بناء جسر جديد للثقة بين السلطة والشعب ينقلنا إلى بر الأمان الذي نسعى جميعاً للوصول إليه.
و إذا كان (الرفاق) في حزب البعث العربي الاشتراكي قد تقاطروا على مراكز الاقتراع ليصوتوا بنعم للدستور الجديد و الذي سحب من حزبهم المنضويين تحت لوائه ميزة الحزب القائد فإن ذلك يعتبر بادرة حسن النية من قبلهم، وإذا كان إقرار الدستور الجديد يعتبر ربطاً للقول بالنية الحسنة فنحن هنا لا نطالب سوى ان يصدق القول الفعل وأن نلمسه على أرض الواقع.
و لنبدأ :
-لماذا  يستمر شغل حزب البعث العربي الاشتراكي لمقرات داخل مباني تتبع لجهات عامة ؟؟.
-لقد وضحت المادة السادسة من الدستور شكل العلم وألوانه، والذي يفترض أن يجمع السوريين تحت لوائه وأن يمثلهم جميعاً دون تمييز، فهل من المعقول بعد اليوم أن يستمر رفع راية حزب البعث العربي الاشتراكي على مداخل وداخل وفوق مباني الجهات و المؤسسات العامة ؟؟.
-ونصت الفقرة الخامسة من المادة الثامنة من الدستور أنه:"لا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية".
فلماذا تستمر وزارة التربية بتطبيق ترديد شعار وأهداف حزب البعث العربي الاشتراكي من قبل طلاب مدارس الجمهورية العربية السورية ؟؟، ألا يمكن أن نهتف في المدارس بحياة الجمهورية العربية السورية مثلاً.
ولماذا تستمر الوزارة بتدريس مادة التربية القومية الاشتراكية التي تطرح أفكار ومبادئ والتاريخ النضالي لحزب البعث العربي الاشتراكي ؟؟، ألا يمكن أن يتم تدريس مادة التربية الوطنية أو مادة المجتمع العربي السياسي كما كان سابقاً.
بنفس السياق لماذا تستمر وزارة التعليم العالي بتدريس مادة الثقافة القومية الاشتراكية التي تطرح أفكار ومبادئ و التاريخ النضالي لحزب البعث العربي الاشتراكي في كافة الجامعات الحكومية ؟؟، مع  العلم أن وزير التعليم العالي قد صرح في أحد مقابلاته الصحفية على أن هناك نية للوزارة لتعديل هذه المادة بمادة جديدة تعنى بمفهوم المواطنة.
-ولماذا يستمر مصرف سورية المركزي بطرح وتداول العملة المعدنية من فئة العشر ليرات سورية التي تحي ذكرى تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي؟؟
إنا لا نسعى مما نقوله إلى اجتثاث للبعث كما جرى في العراق، أو لعزل سياسي لأحد كما يجري في مصر، فنحن ضد الاجتاث أو العزل أو التهميش أو حتى عدم سماع الرأي الآخر أو احترامه حتى لو اختلفنا معه في كل شيء.
لكن بنفس الوقت نرفض أن يتم تعديل الدستور ونظل أسيري الدستور السابق.
لكن كما قلنا نحن نعيش في أزمة و نسعى جميعاً إلى حلها، وإذا كان إقرار الدستور الجديد للبلاد أحد أهم هذه الحلول فإن صدور النص القانوني المتمثل بالدستور يتطلب تطبيقاً عملياً  لهذا النص، لا أن يكون النص في واد والتطبيق في واد آخر !!!
إن ما نطالب به هو التطبيق العملي لنصوص الدستور  ومن الجميع وبشكل واضح وسريع، فقاطرة التغيير في البلاد قد انطلقت ولن يوقفها وضع العصي في عجلاتها، لا بل العكس فإن هذه العصي سوف تتكسر، و قد تتسبب هذه العصي بحادث لا يرضاه أحد يسعى لخير الوطن و المواطن، حتى نبني جميعاً سورية التي نتوق أن نراها قوية شامخة حرة أبية. 
لذلك فإن تلافي هذه الملاحظات التي سبق ذكرها هي خطوات عملية للتغيير وهي ذات أثر مباشر وعملي وصحي، ونحن عندما نطرحها أو نشير إليها فهي ليست سوى مساهمة منا في تصحيح الطريق الذي نسير عليه بالتعاون مع الجميع.
 وهي – أي هذه الخطوات العملية - إن احتاجت وقتاً فإنها بالتأكيد لن تحتاج إلى الوقت الذي يستغرقه تعديل نص تشريعي أو النظر في دعوى مثارة أمام القضاء، وهي ستساعد بالتأكيد على الإسراع في حل الأزمة مع وجود حسن النية من جميع الأطراف.
إن هذه الملاحظات نضعها تحت تصرف الحكومة الجديدة القادمة باعتبار أن الحكومة الحالية تصبح بحكم المستقيلة  وفق أحكام الدستور مع انتخاب مجلس شعب جديد.
التوقيع: مراقب



التعليقات المدرجة تعبر عن رأي كاتبها ولا يتحمل حزب الأنصار أي مسؤولية عن محتوى التعليقات

 

Copyrights 2010, All rights reserved