ميثولوجيا الاعلام الحكومي
06/14/2012 00:00:00   |  المصدر: حزب الأنصار   | 

كنت في أيام الشباب مولعاً بقراءة الأساطير الإغريقية القديمة مع علمي أن هذا لا يعدو أن يكون ترفاً ثقافياً!
غير أني كنت أستغرب أن يطلق على مجموعة الأساطير والخرافات هذه اسم (الميثو لوجيا)أي علم الأساطير!
فكيف تكون الأساطير والخرافات علماً (لوجي)؟
وكنت أعتقد إطلاق لفظ (العلم) على (الخرافات والأساطير) هو ضرب من ضروب الهرطقة،حتى بدايات الثورة الحالية في سورية.
مع بدايات نزول المحتجين إلى الشارع وجدتني مضطراً لمتابعة الإعلام السوري بشكل شبه يومي ولو لنصف ساعة من باب العدل بالسماع من جميع الأطراف.
رأيت بأم عيني خمسة آلاف متظاهر يهتفون لفك الحصار عن درعا وإسقاط النظام ،وصلت المنزل وفتحت التلفاز على الاخبارية السورية فوجدتهم خمسة عشر شاباً يشكرون الله على نزول المطر!
وليست المشكلة هنا حتى الآن، يمكننا أن نقول أن الإعلام السوري كاذب (وهذا فعلاً ما قاله الشارع)، مع أن الكذب يخرج الإعلام عن مهنيته ،فالمهنية تقبل المواربة والإغفال والتأويل والتورية ولكنها حتماً لا تقبل الكذب.
والمشكلة بدأت عندي عندما كنت أستمع إلى أحد الحوارات (المسجلة وليست المباشرة حتماً كما تعلمون لضرورات المونتاج)والتي تجري تحت سقف الوطن،حينها قال أحد الشباب أن هناك مؤامرة (كونية)،ظننت حينها أنها زلة لسان أو أنه أخرق؟
وبقيت على ظني إلى أن سمعتها من أحد مبعوثي النظام إلى (قنوات التضليل الإعلامي) مع التنويه إلى أني عندما أستمع إلى تلك القنوات أستطيع أن أستمع إلى كلام النظام وكلام الشارع أما عندما أستمع إلى القنوات الحكومية لا أسمع إلا لرأي الشارع!!!!
ثم سمعتها وسمعتها وسمعتها ،كم وبختني نفسي على ما أسأت الظن بذلك الشاب (أرجو منه أن يسامحني).
وبدا لي كيف يمكن أن تكون أسطورة (المؤامرة الكونية) مثيرة وتحمل لي من الإثارة والتشويق ما لم أجده من قبل ولاحتى في (الإلياذة)!
وبت بعدها أعود إلى أيام الصبا مولعاً بمتابعة الأساطير ولكن هذه المرة عبر الإعلام الحكومي .
تابعت الملايين تنزل إلى الشوارع ويتعرض لها العسكر بالقمع الدموي والقتل والاعتقالات، نعم كل ذلك حصل ولكن أين؟
حصل ذلك يا سيدي في تركيا والحجاز وقطر ودول أوربية كثيرة و الولايات المتحدة الأمريكية،غير أن شئ من ذلك لم يحصل على الأراضي السورية بل كانت مجسمات في قطر أو غيرها (بحسب الإعلام الحكومي).
وعلى ما أظن أن ليس للأساطير الإغريقية حقوق محفوظة أو اشتراط ذكرها كمصدر لذلك لا أجدني مضطراً لنسب أخبار الأساطير السورية بدقة ،وحيث أن روايات تلك الأساطير أصبحت معلومة للمتابع بالضرورة.
غير أن ما دفعني اليوم لكتابة مقالتي هذه هو سماعي لأحدث أسطورة (للإخبارية السورية):
تتحدث هذه الأسطورة عن التوافق الفكري بين (العصابات الوهابية) و(الناتو)!!!
فحُق للإعلام السوري لقب معلم علم صناعة الأساطير.


لك من شان الله إرحموني عاد لي إدمان الأساطير.

جميع الحقوق محفوظة - حزب الأنصار
ansar-sy.org